فصل: الفصل الخامس: في الكواكب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التعريف بالمصطلح الشريف



.الفصل الخامس: في الكواكب:

في الشمس: وقد طلعت الشمس العائبة، وحال الذهب في تلك البودقة الذائبة؛ وأسفرت تلك المخدرة، وأطلعت تلك الشارقة المنورة؛ وأفلتت من شرك النجوم تلك الغزالة، وأقبلت تحت قناع الشفق وما عليها إلا غلالة.
في الهلال: وقد جرى في تلك اللجج الغزار زورقه، وورثه أصيله أو ورده شفقه؛ وتقوس كأنه حاجب، وانشق كأنه حاجب، وانشق كأنه نون أجادها كاتب.
في القمر: وقد أوقد في الليل ذلك السراج، وزينت قبة الفلك تلك الجامة الزجاج؛ وأتم تمامه، واستدار كأنه هامه- أستغفر الله- بل عمامه.
في النجوم: وقد طفت على ذلك اللج مواقع النجوم، وتفرقت مواقع تلك الأنواء السجوم؛ وقذف ذلك البحر لؤلؤه، وانهد ذلك البازي جؤجؤه؛ ومدت تلك الشبكة، ووقع فيها الحوت فخافت السمكة؛ وقد طعنت أسنتها النوافذ الليل حتى أنهرت فتقه، وهلهلت ثوبه ولولا الحسن لما أظهرت عتقه.
في المجرة: وقد ركد نهر المجرة، وانهار جرفها وصار كل ناحية ذرة، وكأنه حديقة نوار، فصار لما التأم كله أنوار.
في الثريا: والثريا عنقود منور، وقدح مصور؛ وخاتم في بنان حبشي، ونوار في حدائق الصباح والعشي؛ ولم يطل الليل مذ قيس بشبرها، وأحسن ما شبهت بصفحة مهرق رشت عليها الظلماء من حبرها.
في الجوزاء: وقد زادت الجوزاء في الطول، وشالت عصاها على الشول؛ وامتدت كأنها ذراع، وطالت كأنها باع؛ وشدت كأنها طنب ممدود، وانفصلت كأنها جيد محدود؛ وتهدلت فرع، ودرت كأنها ضرع؛ تعرف بين النجوم، وتسفر على البقية وجوم.

.الفصل السادس: في الأزمنة:

في الصباح: وقد رقت تلك البكر، ووضحت تلك الغرر؛ وحسنت تلك الصبح المسفرة، وأصبحت بها الأيام ضاحكة مستبشرة؛ وقد أخذت مجامع الحسن تلك المبادي، وأولت بيض الأيادي؛ وجليت تلك السماء الفضية، وجليت تلك المرآة التي كانت من بقايا الليل صدية؛ ودبت حمرة الشفق في وجه النهار، وتوقدت جمرة الصباح إلا أنها من نور لا نار؛ وكان انفتاق الضوء في أخريات الليل مثل شجر ياسمين ينفض، وأقبل النهار في شبابه إلا أن شباب النهار أبيض؛ وباكر الصباح بالصبوح، ودفن الهموم والزق لديه مذبوح؛ وشرب على ماء ورد الشفق مثله من المدام، وجاهر النهار ولم يخش الملام.
في شدة الحر: وحمي وطيس الهجير، وقيد الراكب بحبل الشمس مثل الزنجير؛ وود الماشي على الأرض لو وقى قدمه بأم رأسه، والملتظي في ذلك الحر لو وصل الرياح بأنفاسه؛ كأن كل حصاة من جمره تتوقد، وكأن مدى ما بين كل خطوتين ما بين الأرض والفرقد؛ شموسه السم المذاب، ونطفه العذاب العذاب؛ لا يتمسك له إلا بآل من آل، وذمته من شعلة رمل يشب لها ذبال؛ ألفح من نار العتاب، وأشد لظى في القلوب من فراق الأحباب.
في شدة البرد: واشتد البرد حتى أرق العظام ودقها، وفرق الأجسام وشقها؛ وعجل النافض لمن ود أن تعقبه الحمى، والرعدة حتى فصص الأجسام عظما عظما؛ وفعل في الأبدان ما يفعله الموت في الجمود، وفي المواقد ما يفعل طول المكث من الخمود؛ وترك الريق في الفم لا يذوب؛ والمدعي أنه يقدر أن ينطق لا يظن أنه كذوب.
في الغبوق: وآخر الغبوق حتى خفق جناح الشمس للغروب؛ وانحل مسك المساء حتى كاد في ما ورد الشفق يذوب؛ ثم عب في غبوقه، ووصله بالليل حتى ضرب الشجر ببوقه.
في العشايا: وزاد نحول الأصيل ورق مدامه فكاد وجنح العصر للطفل، واعتل نير النهار إلا أنه ما أفل؛ وقد كادت الشمس تتوارى، وتفتح في روض المغرب نوارا؛ إلا أن دينارها ما سقط؛ وغراب الليل لحب أشعتها ما لقط.
في شدة الظلماء: واشتد الظلام فلم يتوضح غلسه، ولا زنر بالنجوم أطلسه؛ كأنه استعار سواد قلب العاذل، وعرض الغني الممسك عن الباذل؛ قد آلى الصباح أنه فيه ما ينير، وحرن فخيم وقعد على أنه لا يسير.

.الفصل السابع: في الأنواء:

في الرياح: وصفقت قوادم الرياح، وخفت السفن بها للرواح؛ وخفيت على العيون فما تعرف إلا بخفقها، ولا تشكر صنائع السحب إلا إذا تغاضت لها عن حقها؛ فإنها هي التي تنشئها في السماء، وتنشرها فتبسط جناحها المبلول بالماء؛ لا يعرف مركزها فيتبع، ولا يعرف إلا أنها ما بين اثنين إلى أربع.
في ريح عاصف: ثم استحالت ريحا تدمر كل شيء أتت عليه، وتقتلع دون الجبل المطل كل ما لديه؛ رغت رعودها القواصف، وعنست زعازعها العواصف؛ فلم تدع طريقا ما أنكرت معارفه، ولا ذا رياش ما سلبت مطارفه؛ ولا بحرا لم يصعب جانبه، ويقطع المركب الذي يجر باللبان جاذبه؛ فجأر إلى ربه الربان، ولم يسطع على مجمر البرق العود ولا نفع اللبان.
في السحاب: وأما السحاب فقد تراكمت ضلله، وصبغت المفارق حلله؛ قد طبق ما بين الشرق والغرب، وأذنت نباله الراشقة بالحرب؛ وكأن دون السماء سماء، وفوق الماء ماء؛ ولم يبق معهم إلى فريق مذهب، ولا لطريق مذهب؛ قد أخذ من كل جانب، وسال بالبحر لا بالمذانب.
في الرعد: وأما الرعد فقد صرخ، ونفخ في أذن السماء حتى انتفخ؛ ولم يظن سامعه إلا أن قد شققت، وأن السحاب قد مزقت؛ وأن الجبال قد دحيت، وأن صورة الوجود قد محيت؛ فترك القلوب واجفة، والأرض راجفة، والظنون لا تستبعد أن تتبعها الرادفة.
في البرق: والبرق قد نبض عرقه، ووضح بين جمة الليل السوداء فرقة؛ وعلقت منه سلاسل من ذهب، وأوقدت مجامر من لهب؛ ولم يظن إلا أن أشهب الصباح قد رقد في أدهم الليل، أو أن عمودا من فضة قد تحدر في صبب السيل.
في نزول المطر والبرد والثلج: وحجبت السماء السحب ثم أخذت في الانسكاب، وجاءت بأفواج المطر: بعضه قد جمد وبعضه قد ذاب؛ وأصبحت صبيحة ليلة والناس بين ماء وطين، وأنواع من ذائب طل ومفتر ثغور وسقيط ياسمين؛ وأصبحت الأرض كلها قارورة، وذيول الأنواء المرفوعة عليها مجرورة، والثلج قد زاد في برد رضابها، والبرق قد أرسل برد أنوائه إلى الآفاق بالرضى بها، والسحاب قد مد خيوطه، والمحل قد أماته الثلج وذر من الكافور حنوطه.
في الآل: قد عب عبابه، وغر سرابه؛ وطبق أطباق الغمام، وانتشر انتشار الظلام؛ وأفعم واديه بالخديعة، وعدم السياسة من ظن أنه الشريعة؛ ولم يطفح نهره إلا بالخراب، ولا أتت القرب لتملأ منه إلا راحت وهي فارغة الجراب.
قال المملي- أجزل الله له الثواب-: وهذا آخره وبتمامه ثم الكتاب؛ وليعذر من وقف عليه، فقد علم الله كيف كان يتلقف قلم الاستملاء، ويتخطفه مسارعة من لسان الإملاء، حتى كتب في غاية الاستعجال، وحسب عند حاضريه مما يجري مجرى الارتجال، لخمود خاطري، وجمود ماطري، وإعراضي عن هذه الصناعة، التي قلت منها البضاعة؛ وعلمت أن إنفاق رأس مالي من العمر فيها كان إضاعة؛ على أنه- وإن لم يكن فيه طائل، عند ذوي الفضائل، فقد لا يقع- لتوسعهم في العلم- موقع النقص لديهم، لعلمهم إذا كسد عندهم أن قوما له ينفق عليهم.
والله يوفقنا لما هو أصلح، وبفتح علينا- فقد قرعنا بابه- والله يفتح.